فضاء حر

استبداد الإخوان .. وضبابية الخيارات المتاحة

يمنات

تكمن مشكلة الإخوان المسلمين بعد وصولهم إلي الحكم في اعتقادهم بأن الثورات الشعبية الاخيرة مكسبا سياسيا في حين أنها في الواقع مسئولية والتزام ووعيها يقتضي بالضرورة وعي شروط نشأتها الاجتماعية، ذلك الاعتقاد جعل الإخوان يتعاملوا مع الواقع الجديد بكيفية تشييئية لم تستوعب شروط نشأت الواقع الجديد التي يجب أن تؤسس بالضرورة لإعادة صياغة العلاقة بين الاجتماعي والسياسي – الحاكم والمحكوم – وفق قيم الديمقراطية ومحددات تداول السلطة بين مختلف أطراف النخبة الاجتماعية وبعيدا عن العلاقة السلطوية التي كانت سائدة قبل الثورات بحكم سيادة ثقافة الاستبداد ذلك الانحراف الذي وقع به الإخوان سواء بوعي أو بدون وعي أثار حفيظة الجماهير التي كانت وقود الثورات ودفعها للاصطفاف من جديد لمواجهة الإخوان ورفض سياساتهم بكل الطرق المتاحة وما يجري في مصر اليوم هو خير تشخيص لهذا الواقع..

وأمام ذلك لم يجد الإخوان ما يبرروا به سياساتهم هذه الأمر الذي دفعهم إلى إعادة اجترار الأنساق والصيغ الاستقوائية القديمة التي كانت سائدة قبل الثورات ليتمترسوا بها ويمرروا من خلالها مخططهم الرامي إلى الاستحواذ والسيطرة على أدوات الدولة وتطويع مؤسساتها وهياكلها السيادية والخدمية ومن ثم أخونتها وتحويل أطرها من اطر وطنية إلى اطر أيديولوجية دينية تكفل لهم مستقبلا ليس الاستقواء علي النخب السياسية فحسب إنما علي الشعوب بأكملها .. وفي ظل هذه المحنة الجديدة تكون الشعوب الثائرة ونخبها الاجتماعية أمام أمرين:

الأول: أن يتمكن الإخوان من تنفيذ مخططهم وتمرير سياستهم المفصولة عن السياق الاجتماعي العام وتدخل الشعوب في حقبه استبداديه جديدة تغتال عملية التغيير القائمة و يفقد فيها الخطاب الحقوقي المنادي بالحرية والديمقراطية مصداقيته وقدرته على الفعل ليبقى ذو طابع سطحي وضعيف كما كان عليه قبل الثورات وبالتالي تحتاج الشعوب لمدى زمني جديد تتراكم فيه من جديد شروط نشأة ثورات جديدة، خاصة وان الإخوان قد ابدوا انفتاحا مع الخارج ممثلا بالقوي الدولية والاقليمية وهذا الانفتاح ليس علي الايجابيات التي تشهدها منظومة العلاقات الدولية فيما يخص مسيرة التطور الديمقراطي وانتشار الحريات وقيم الحداثة والمجتمع المدني.. إنما انفتاح تجاه المصالح الإستراتيجية والاقتصادية للقوي الدولية وذلك في الاستعداد برعايتها وتأمينها من الأخطار التي يمكن أن تأتي من الشعوب العربية لاسيما مصالح أمريكا وإسرائيل مقابل دعم ومسانده هذه القوي للإخوان في الشؤون الوطنية الداخلية، و أمام الإخوان فرص كبيره في هذا السياق لإنجاح تنفيذ مخططهم.

الثاني: وأما أن تستمر هذه الشعوب ونخبها الاجتماعية في نضالها وحركتها المتيقظة ضد مواقع النفوذ الاستبدادية الاخوانية الجديدة حتى تحقيق هدفها في إعادة الاعتبار للثورة علي جميع المستويات القيمية والثقافية والسياسية والمفاهيمية انطلاقا من إيمانها المطلق بحتمية التغيير وحقها في العيش الكريم واختيار من يحكمها .. وهذا المسار يتطلب مزيد من النضال المنظم بمختلف الطرق المتاحة.

زر الذهاب إلى الأعلى